أهلا يا محرري ويكيبيديا العربية:
أرى أن موضوع كتابة أسماء المؤلفين على المقالات قد استشرى و زاد عن الحد. يا سادة هذا الأسلوب غير مسبوق في أي موسوعة غير العربية و لم يظهر بها إلا مؤخرا!
في رأيي أن المشكلة نبعت عندما تقاعس المحررون الذين كانو متواجدين إبان انضمام السيد/أحمد محمد عوف إلينا عن إيضاح الطريقة التي تعمل بها ويكيبيديا، ربما حياء أو احتراما، لكنهم بهذا أخطؤا (ليس لاحترامهم السيد عوف و كل الآخرين و لكن لتقاعسهم عن التوضيح).
أتكلم عن نفسي عندما أقول أنني أحترم الجميع و أرحب بكل قادم لديه ما يضيفه، و أعتقد أن الجميع هنا من الشباب العرب لديهم هذه الأخلاقيات و المعتقدات، لكن ينبغي علينا أن نتعلم كيف نحافظ على مكتسباتنا الجماعية، و أن الحفاظ على حقوق الجماعة يستوجب أن نتعلم متى نقول "لا"، بحزم و ذوق في نفس الوقت، في مواجهة قد يطلبه أفراد منا لأنفسهم اعتقادا منهم أنه حق لهم، جهلا أو طمعا. و ذلك ما دامت لدينا أسباب و تجارب سابقة تعلمنا سوء عاقبة هذه المطالب على مشروعنا المشترك.
إن مفاهيما مثل المحتوى المفتوح و رخصة الوثائق الحرة و كيفية عمل نظم إدارة المحتوى بل و ثقافة ويكيبيديا ذاتها قد تحتاج إلى وقت قبل أن تترسخ في وعي أي شخص و يصبح جزءا منها لذلك كان على من هم أقدم في الموسوعة أن يقوموا بدورهم في توضيح هذه المفاهيم و توكيد استمراريتها. خصوصا أنها تعمل وفق آليات (و لا أقصد تقنيا) قد تكون غير مفهومة بالنسبة لمن هم جديدين عليها.
الآن زاد عدد المقالات في ويكيبيديا، و جزء كبير من هذه الزيادة الكمية مرجعه ما أضافه أحمد عوف، و لن أعرض هنا إلى تحفظاتي عن جودة مقالات معينة، و لا إلى قضية قيام أحمد محمد عوف بإنشاء صفحة ذاتية له يروج فيها لشخصه و لقائمة أسماء كتبه، و هو سلوك و إن لم يكن ممنوعا صراحة فإنه مكروه لأسباب عديدة أبسطها أنه لا ينم عن التواضع المفترض في العالم الحقيقي، و تشوبه دائما الذاتية و عدم الموضوعية، و لن أتطرق كذلك إلى تدني لغة الحوار و الحشد العاطفي و الخطب المحشوة بإهانات صريحة لأن تفاصيل هذه السجالات محفوظ في تاريخ صفحات الموسوعة.
لكن الأهم من هذا هو أن الأسلوب الذي يربط فيه أحمد محمد عوف بين ذاته و بين مساهماته في الموسوعة يفرغها من روحها الأساسية التي ليس من أولوياتها إظهار "من كتب ماذا". حجة السيد عوف هي أنه لا يتقاضى أجرا و بالتالي يستحق الإشادة، و لكننا جميعا لا نتقاضى أجرا كما أن العمل في الموسوعة تطوعي تماما و اختياري، بالإضافة إلى أن اتخذ عدد المقالات و طول المساهمات كمعيار لتحديد النشاط و العطاء للموسوعة في رأيي هو الطريق إلى الفشل، أولا لأن العمل تطوعي كما قلنا، و ثانيا لأن هناك مشاركات غير كتابة المقالات؛ تنظيما و مراجعة و تنسيقا، بالإضافة إلى النقاشات البناءة حول المحتوى نفسه أو أساليب العمل و الممارسات، و لأنه سيبعد من يساهمون بهذه المجهودات المطلوبة و الأساسية بسبب اعتبارهم مشاركين من الدرجة الثانية و ليسوا "كتابا موسوعيين"!
صحيح أن السيد/أحمد عوف يدعو الجميع إلى وضع أسمائهم على المقالات و هو يرى في هذا عدلا و مساواة، إلا أن هذا ليس حلا، و لا عدلا بالنسبة للمشروع الذي نعمل عليه نفسه! بل خرق واضح للمبادئ التي قام عليها كتجربة فريدة و غير مسبوقة.
و في نفس الوقت فإن ويكي كنظام لإدارة المحتوى به من الآليات ما يمكن أي شخص أن يعرف تحديدا تاريخ أي مقالة و مساهمات كل محرر فيها على مدى عمر المقالة، لكن بشكل منمط و مؤتمت و ليس عن طريق التوقيع في كل مقالة!
أتمنى أن يتضح للجميع أن مقالات الموسوعة ليست ملكا لمن يكتبها و أنه يحق لأي شخص تحريرها ما دام بإمكانه أن يوضح أن المعلومات التي يضيفها أكثر صحة أو أن المعلومات التي يحذفها كانت خاظئة أو أن صياغته أكثر موضوعية و حيادية، بل حتى إن أي محرر لا يملك الحق في المطالبة بحذف مساهماته، أولا لأنها تصبح ملكا للموسوعة تحت رخصة GNU للوثائق؛ و ثانيا لأن المقالة نفسها تكون نتيجة محصلة مساهمات العديدين ممن شاركوا في تحريرها؛ حتى لو كانت مقالة عنه شخصيا! و هنا سيظهر للجميع أن دعوة أحمد محمد عوف "لربط المقالات بأسماء مؤلفيها" التي لاقت استحسانا من المستخدمين النشطين إبان انضمامه، أو على الأقل لم تلق ما كان يجب أن تلقاه من رفض ستؤدي على الأقصى إلى فقدان الموسوعة مصداقيتها وجودة محتواها و جدواها كمشروع تعاوني جماعي، أو على الأقل إلى تحولها إلى شيئ آخر غير كونها ويكيبيديا!
صحيح أن ويكيبيديا العربية لاتزال فقيرة في ما يخص السياسات المكتوبة (التي هي ذاتها متغيرة دائما، لكن وفق آليات الحوار و الإجماع)، لكن يجب أن نذكر أن أمامنا الإصدار الإنجليزي من الموسوعة و الذي يحوي خلاصة سجالات و محاورات مجتمع الموسوعة (العالمي) فيما يتعلق بأفضل الممارسات، و في رأيي أننا يجب أن نتعلم منها و أن لا نعيد ارتكاب نفس الأخطاء و أن لا نتخذ الطريق الصعب في التعلم. و هذا دور يقوم به بعض المساهمين هنا ممن يساهمون أيضا في الموسوعة الإنجليزية لينقلوا لنا خبرتهم التي اكتسبوها هناك.
أرجو أن يكون الهدف من رسالتي هذه واضحا مفهوما للجميع و أتمنى أن لا يتكرر ما حدث سابقا من تأويل نقدي للثقافة السائدة في ويكيبيديا و لأسلوب العمل الذي ساد فيها مؤخرا على أنه إزدراء أو دعوة لنبذ أي شخص، و أحب أن نفتح حوارا "منطقيا" محترما بهذا الخصوص بعيدا عن الخطب الديماجوجية و الحشد العاطفي و بارانويا الإضطهاد. و كذلك لا أدعوا إلى توجيه اللوم إلى أشخاص بعينهم لأن هذا لن يكون مجديا في حالتنا هذه، و إنما أدعو إلى تصحيح الأوضاع.
سلام، أحمد غربية